نص الأدبي والمتلقي


النص الأدبي والمتلقي 
 د.عبد النبي اصطيف

مجلة الموقف الأدبي - مجلة أدبية شهرية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق - العدد 309 -310 شباط "رمضان" 1997
ــ تحديدات:‏
ــ أ ــ النص الأدبي:‏
الأدب فن جميل يتخذ من اللغة الطبيعية أداة له، ويتبدى في صورة نصوص تتراوح بين الجملة (المَثل) والمجلدات العديدة (روايات مارسيل بروست البحث عن الزمن الضائع، ونجيب محفوظ الثلاثية، وعبد الرحمن منيف مدن الملح، ونبيل سليمان مدارات الشرق)، وهو بهذا المعنى إنشاء يتفاوت طولاً وقصراً ولكنه يتمتع بحد أدنى من الاستقلال والإكتفاء الذاتي ويشكل نظاماً دليلاً متماسكا ً COHERENT SIGNYIFYING SYSTEMيرتبط على نحو عضوي بالبنى فوق الأدبية السائدة التي تسهم في تحديد دلالات مكوناته الصغرى فضلاً عن دلالته الإجمالية. وعلى الرغم من تأدية اللغة الطبيعية في الإنشاء الأدبي وظائف مختلفة ومتعددة فإن مايمنحه أدبيّته LITERARINESS,ويُدخِله بالتالي في نادي الفنون الجميلة، سيادة الوظيفة الجمالية فيه AESTHETIC FUNCTION لسائر الوظائف الأخرى.(1) والحقيقة أن سر احتفاء القارئ بهذا الإنشاء يكمن أساساً في هذه الوظيفة التي تنطوي عليها التجربة الفنية التي يجسّدها النص الأدبي.‏
ذلك أن النص الأدبي لا يعدو كونه رسالة MESSAGE يبثّها مرسل ADDRESSER إلى مستقبل أو متلق ADDRESSEE ما، مستنداً في ذلك إلى نظام ترميزي CODE مشترك، كلياً أو جزئياً، بينهما، ويقوم هذا المتلقي على أساس منه بفك شيفرة الرسالة واستيعابها، كلياً أو جزئياً تبعاً لدرجة تمكنه من النظام الترميزي ومستوياته المختلفة، ومن ثم الاستجابة لها تبعاً لهذا الاستيعاب(2).‏
ومعنى هذا أن عملية الإنتاج الأدبي تنطوي على عملية توصيل يقف على طرفيها قطبان تصل بينهما قناة CHANNEL تبدو في ظاهرها طريقاً باتجاه واحد ينطلق من قطب المرسل وينتهي بقطب المتلقي،يبدأ بالقطب المبادر الذي هو المرسل أو المخاطب أو المتكِّلم أو المتحدِّث أو الكاتب أو المنتج أو المبدع أو الخالق وينتهي بالقطب السالب المستجيب لهذه المباردة، والذي هو المرسل إليه أو المخاطَب أو السامع أوالمصغي أو القارئ، أو المستهلِك أو المتذوِّق _ تختلف المسميات والمسمى واحد في كل من طرفي عملية التوصيل الأدبي، ولكن إن هو إلا اختلاف المنظور إلى العملية الأدبية الذي يقود إلى اختلاف المصطلح، واختلاف مواضع التوكيد،واختلاف تقدير الأهمية المعزوة إلى هذا الطرف أو ذاك.‏
ولكن الملاحَظ أن ثمة ميلاً غالباً لدى دارسي الأدب ونقاده إلى النظر إلى الأول على أنه طرف يقوم بفعل يتصف بالإيجابية وروح المبادرة وتسامي الوعي ووضوح القصد والرغبة في التأثير في الطرف الآخر، والنظر إلى القطب الثاني على أنه طرف سلبي يتابع في فعله ووعيه وقصده واستجابته الطرف الأول. ذلك أنه مجرد متأثِّر منفعِل قنع من مجد الفعل بردّة الفعل لأنه أقصى ما يسمح له موقعه به.‏
والحقيقة أن التفحص الدقيق لطبيعة القطب الثاني أو الطرف الأخير هذا وهو المتلقي يكشف عن أهمية لا يمكن تجاهلها، وأن الدراسة المتمعنة لجوانب دوره تبين عن دور إيجابي فاعل ومؤثر لايمكن إغفاله. وعلى الرغم مما يبدو مبالغة في زعم بعضهم أن هذا الدور محدِّد يرقى بصاحبه إلى أكثر من دور المشارك الفعال في عملية الإنتاج الأدبي ذاتها فإن من الواضح أن للمتلقي دوراً مهماً في عملية الإنتاج الأدبي وأنه جدير بالبحث المتأني الذي ينبغي أن يقود إلى توضيحه في مختلف أطوار عملية الإنتاج الأدبي:‏
ــ طور ما قبل الانتاج(3) PREــPRODUCTION STAGE
ــ طور الإنتاج(4) PRODUCTION STAGE
ــ طور ما بعد الإنتاج(5) POSTــPRODUCTION STAGE
مثلما يقود بالتالي إلى إعادة التوازن للعملية الأدبية ذاتها. ذلك أن استعادة حقوق المتلقي (6) كاملة في هذه العملية لا يمكن إلا أن يعود بالفهم الأعمق والأغنى والأشمل للنص الأدبي، موضع العناية الأكثر جدوى انتاجاً واستهلاكاً، خلقاً وتذوّقاً، كتابة وقراءةً إرسالاً واستقبالاً بثاً وتلقياً، لأنه يعيد التكامل الذي طالما انتظرته النظرية النقدية بين القطب الفني الذي هو نص المؤلف، والقطب الجمالي الذي هو تحقق هذا النص الذي ينجزه القارئ أو المتلقي على حد تعبير ويلفغانغ إيزر(7) كبير النقاد الألمان الاستقباليين المعاصرين الذي نذر نفسه لدراسة عملية التفاعل بين النص والقارئ.‏
ــ ب ــ المتلقي:‏
المتلقي قطب مهم وأساسي وحيوي وفاعل في عملية التوصيل الأدبي ومن الأهمية بمكان تحديدهويته قبل المضي إلى تلمس جوانب دوره في أطوار عملية الانتاج الأدبي الثلاثة.‏
ثمة بداية"المتلقي بوصفه مفهوماً مطلقاً مجرداً عن الزمان والمكان والشروط الدنيوية المختلفة التي تحيط عادة بعملية التوصيل الأدبي" .وهناك بعد ذلك "المتلقي الفعلي" الذي يتلقى النص الأدبيــالرسالة فعلاً في لحظة زمنية ما، وضمن شروط دنيوية محددة تشكّل السياق الأوسع الذي تتحقق فيه عملية التوصيل الأدبي. ومن الواضح أن هذا المتلقي يمكن أن يكون متلقياً عادياً لا يملك إلا الحدود الدنيا من متطلبات الوقت والخبرة التي تفرضها عملية التلقي مثلما يمكن أن يكون متلقياً رفيع المستوى مسلحاً بأرقى تطورات المعرفة، يتيسر له الوقت والخبرة والتسهيلات المختلفة التي تجعل من تلقيه عملية معقدة متطورة مدروسة ومنظمة ذات جدوى معرفية، ويمكن أن يكون كذلك بينهما يتحدد موقعه تبعاً لما يتاح له من وقت وخبرة وتسهيلات وتأهيل.‏
وإذا ما غادر المرء المتلقي المطلق والمتلقي الفعلي يجد نفسه إزاء متلق ثالث هو "المتلقي الضمني " الذي يضعه المرسل أو المؤلف نصب عينيه عندما ينتج نصه. وهذا المتلقي المفترَض من جانب منتج النص الأدبي هو في حقيقــة الأمر مــتلق غير فعــلي وإن كان يمتَّ بصلة إلى الواقع الذي يعيشه المنتج زماناً ومكاناً وشروط دنيوية، وهو يتشكل في وعي هذا المنتج نتيجة خبرته المتراكمة من تجارب تلقي نصوصه السابقة من المتلقين‏
الفعليين على اختلاف مستويات تأهيلهم وقدراتهم ومهاراتهم وبصرف النظر عن تقويمه لهذه التجارب وموقفه منها.‏
 
وهناك بعد هذا وذاك وذلك"المتلقي المثالي" الذي يرجوه بل يتمناه كل منتج، متلق قادر، في وهم المنتج، على أن يتوحّد تماماً مع هذا المنتج في كل خطوة من خطوات إنتاج النص الأدبي، ويسلك فيما بعد ما يرغبه له هذا المنتج من سبل، ويتبين تماماً ما يريده له من حقائق وأغراض ومقاصد، ويستمتع بعد ذلك بالنص ويفيد منه كما خطط له منتجه.‏
وباختصار إنه المتلقي المنتزع من نفس المنتج الذي يحلم به في ممارسته للعملية الأدبية.‏
وفضلاً عن كل ما تقدم يمكن للمرء أن يضيف نمط الكاتب ــالمتلقي الذي يؤدي دور المتلقي لنصه بعد إنتاجه ويحاول أن ينظر إليه بعينه بعد أن قاربه مقاربة المنتج. فحتى أكثر المنتجين من الكُّتاب عفوية يقرأ نصه مرة واثنتين وثلاثاً وأربعاً وربما عشراًوقد يقرأه أكثر من ذلك إن كان من المحكِّكين الذين ينفقون الأعوام في تنقيح نصوصهم وتجويدها إلى أن يرضوا عنها بوصفهم متلقين خبيرين ويُقدموا على نشرها فيما بعد.‏
والحقيقة أن كلاً من هؤلاء المتلقين يمكن أن يكون داخلياENSIDER مثلما يمكن أن يكون خارجياً OUTSIDE فالمتلقي الفعلي على سبيل المثال يمكن أن يكون داخلياً كأن يكون كاتباً زميلاً من جنس المؤلف (ذكراً أو أنثى) ومن عرقه (أفريقياً أو آسيوياً) ومن قومه يمكن أن يكون خارجياً غير زميل، وليس من جنس المؤلف، ولا من عرقه ولا من قومه، ومع أن خارجية المتلقي هذه تبدو للبعض عائقاً مهماً في طريق التلقي المرجو للنص الأدبي فإنها يمكن أن تكون في الوقت نفسه مصدر غنى وعمق وتنوع في هذا التلقي تُرَدّ في العادة‏
إلى اختلاف المنظور وآفاق التوقعات وتجارب التلقي السابقة وظروف التكوين الثقافي وغير ذلك مما يُباين فيه الخارجي الداخلي عادة نتيجة الظروف الموضوعية المحيطة بكليهما.‏
* * *
ــ في البحث عن دور للمتلقي:‏
ــ أ ــ في البدء كان التلقي، المتلقي في طور ما قبل الإنتاج:‏
ليس على المرء أن يخوض نقاشاً عقيماً ليدلل على أسبقية أي من فعلي الإنتاج أو التلقي لأنه لن يكون موفور الحظ في التوصل إلى نتيجة مرضية أكثر ممن يود أن يحدد الأسبقية الزمنية لكل من الدجاجة والبيضة. ومع ذلك فإن بوسع المرء أن يشير إلى أن منتج النص الأدبي هو متلقٍ له أولاً. وربما كان من الأهمية بمكان التذكير بأن هذا المنتج ليس متلقياً عادياً بسبب من وعيه السامي بأداة هذا الفن وسبل تعبئة نظامها لأداء أي من وظائفها المختلفة وبخاصة الوظيفة الجمالية التي تُميز النص الأدبي وتمنحه أدبيته بسيادتها فيه لسائر الوظائف الأخرى.‏
وأكثر من هذا فإن الناظر إلى طريقة اكتساب هذا المنتج للغته الأم يتبين له أن هذا المنتج مَثَلُه في ذلك مَثَلُ أي فرد مناـ إنما يكتسبها ويتمكن من نظامها الخاص بها في مستنوياته المختلفة(الصوتية والفونولوجية، والمعجمية، والدلالية، والصرفية، والتركيبية، والإنشائية) من خلال ممارسته اليومية لسلسلة لا نهاية لها من أفعال التلقي. ذلك أنه في حقيقة الأمر إنما يتلقاها نصوصاً في أسرته، وفي حيّه، وفي مدرسته، وفي عمله، وفي مختلف وجوه حياته الممتدة من المهد إلى اللحد. وهذه النصوص المتلقاة يُشكّل كل منها ممارسة دلالية متماسكة COHERENT SIGNIFYING PRACTICE تُنتج معنىً متوخىً بالاعتماد على النظام اللغوي الخاص بتلك اللغة أو ما سماه فرديناند دو سوسور ب"LANGUE" ــ هذا النظام الذي يتنامى بناؤه التدريجي في نفس الفرد ويشكل في نهاية المطاف بُنية محدِّدة يُنتج من خلالها إنشاءَه الخاص به، أو كلامه ، أي ال(PAROLE ) في مصطلح سوسور ويستطيع بمقدار تمكنه منه أن يُفكّــِر باللغــة ويعبر ويتواصــــل مع الآخرين بتلقي نصـــوصهم ومع الموروث الثقافي المدون بها بتلقي النصوص المنتجة عبر العصور. ومعنى هذا أن النظام اللغوي الخاص بلغة ما، هو الأساس في عملية تلقي النصوص وفي انتاجها وبثها، في كتابتها وقراءتها. ولكنه لا يمارس وظيفته هذه بوصفه نظاماً مجرداً واضحاً محدداً في نفس ممارس اللغة، بقدر ممارسته لوظيفته هذه من خلال صُوره التي يتجسد لنا فيها، ويتحول بها من طور الوجود بالقوةPOTENIAL STAGE إلى طور الوجود بالفعل، أي من خلال النصوص التي يتيسر للمرء الاطلاع عليها، وقراءتها، وتمثلها، ويُتاح له فيما بعد إنتاج نصوص نظيرة لها.‏
والذي يحدث أن هذه النصوص لا تشكل المعايير والمقاييس والأعراف التي يتلقى المرء وفقاً لها نصوص الآخرين، وينتج ويبث نصوصه الخاصة به تبعاًلها وحسب، بل تكون كذلك المادة الأولية التي يستخدمها في إنتاجه لنصوصه. إنها الحجارة التي يلتقطها هذا الباني الجديد مما اندثر من أبنية من هنا وهناك ويستخدمها في إشادته لبنائه الخاص به وفق المخطط الذي أعده في نفسه استناداً إلى تجار به وخبراته من اطلاعه على الأبنية المشيدة من قبل بطريقة من الطرق(8).‏
ومعنى هذا أن شِقّ المتلقي في نفس منتج النص الأدبي يُشارك مشاركة فعالة في انتاج هذا النص. وباختصار شديد يمكن القول أن ما يتلقاه منتج النص الأدبي يُحدِّد إلى درجة بعيدة ما يكتبه فيما بعد والنص الأدبي الذي ينتجه ليس غير " فسحة متعددة الأبعاد تتزاوج وتتصارع فيها كتابات ليس من بينها واحدة أصيلة، إن النص نسيج من المقبوسات، ناشئ عن ألف مصدر ثقافي(9)" تلقاها صاحبه بصورة من الصور في طور ما من أطوار حياته السابقة لإنتاج نصه.‏
وإذا ما غادر المرء شق المتلقي الذي قُدّت النفس بينه وبين المنتج فإنه يستطيع أن يتبين له بسهولة أن المتلقي هدف غير معلن لعملية التوصيل الأدبي الذي قُدت النفس بينه وبين المنتج فإنه يستطيع أن يتبين له بسهولة أن المتلقي هدف غير معلن لعملية التوصيل الأدبي التي يطلق المنتج شارة بدئها. فالمنتج إنما يبث ّ نصاً يقصد به متلقياً ما يتلقاه ، ويُعجَب به، ويفيد منه، ويعجب من ثمّ بصاحبه فيتلقى نصوصه الأخرى السابقة والتالية لهذا النص، ويتحول بالتدريج إلى نصير لهذا المنتج يشتري كتبه، أو يحضر محاضراته ، أو يتتبع أخباره، ويلاحقه بضروب الإطراء والتشجيع والمناصرة والمنافحة عندما يحاول خصومه أو منافسوه النيل منه أو من نصوصه. وهو بهذا يؤثر في ناشره بشكل مباشر فيجعله يقدم شروطاً أفضل للنشر، ويقدم عوائد أسخى.. إن هذا المتلقي هو طريق المنتج إلى محراب الخلود من جهة، وسعادة الدنيا من جهة أخرى.‏
والمتلقي إذا كان ما تقدم يؤثّر في عملية إنتاج النص نفسها حتى قبل بدئها فهو بدايةً يحدِّد اللغة الطبيعية المستخدمة في إنتاجه (وخاصة لدى المنتجين المتعددي اللغات) فرواية عربيسك لأنطوان شماس(10) وهو من فلسطيني الأرض المحتلة عام1948، أنتجت بالعبرية لأن منتجها العربي وضع في ذهنه متلقياً معيناً هوالقارئ العبري ولولا ذلك لأنتجها بالعربية لغته الأم ولغة أهله الذين يسعون للتشبث بوجودهم بشتى السبل.‏
وهو كذلك يُحدِّد الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه النص المنتج وبخاصة عندما يكون المنتج ممن يمارسون إنتاج نصوص أدبية تنتمي لأجناس أدبية مختلفة من مثل (إليوت الذي كتب الشعر والمأساة والملهاة، وجبرا الذي كتب الرواية والشعر، ويوسف إدريس الذي كتب الرواية والقصة القصيرة والمسرحية، وغيرهم)، ذلك أن كثيراً من الكتاب يتحولون من جنس أدبي إلى آخر رغبة في استقطاب شريحة من المتلقين، وثمة بعد ذلك الموضوع أو THEME الذي يستخدم مطية لإرسال مضمون معين إلى متلق معين؛ والمواد الأولية المختلفة التي يحرص المنتج في اختياره لها، على أن تكون من القواسم المشتركة بينه وبين المتلقي المقصود بالنص المنتج؛ وطريقة تناول هذه المواد وصياغتها على نحو ما يحمل معه دلالة ما يود المنتج أن يبلِّغها لمتلقيه وتؤثر فيه على نحو يدفع عملية الإنتاج الأدبي خطوات إيجابية إلى الأمام. والمتلقي بعد ذلك يحدد مكان النشر وزمانه وكلاهما يسهم على نحو أو آخر في تحديد جوانب معينة من النص الأدبي.‏
إن جميع ما تقدم هو في ظاهره خيارات تتيسر للمنتج الذي يبدو وكأنه يقرر بنفسه ما يختار، والذي يستحضر في واقع الأمر متلقيه في جميع ما يقرر من خيارات. وبالطبع فإن عدداً كبيراً من الكتاب يزعمون أنهم إنما يكتبون لعصر غير عصرهم، ولمتلق غير متلقي هذا العصر، وربما بدا هذا حقاً وصدقاً، ولكن المرء يميل إلى الإعتقاد بأن هؤلاء الكتاب لا يمكن أن يماروا في أن هناك في أذهانهم، وفي نفوسهم وفي رغباتهم تصوراً ما لمتلق ما لنتاجهم، لا يمكن أن يتخلوا عنه مهما كانت درجة تمحورهم حول ذواتهم.‏
وهكذا يتبين أن للمتلقي حضوراً لا يمكن تجاهله في نفس المنتج حتى قبل أن يشرع في عملية انتاجه لنصه حضوراً يجعل منه شريكاً كاملاً لهذا المنتج في كل ما يقوم به من خيارات تشمل كل جوانب النص الأدبي ومستوياته. وهو أمر ليس بمستغرب إذا ما أدرك المرء أن الكلمة كما يشير إلى ذلك ميخائيل باختين "فعل ذو وجهين، تتحدد بصاحبها والمقصود بها بالتساوي". أنها " منطقة يشترك فيها المخاطَب والمخاطِب، والمتحدِّث ومحاوره"(11). ولا ننسى أن وحدة هذا الفعل، وتكامل هذه المنطقة لا يمكن أن يتحققا دون التواصل الحقيقي بين المنتج والمتلقي لأنه وحده الذي يحمل السلوى الحقيقية لمعاناة المنتج ومكابدته في عملية انتاجه لنصه الذي يحمل توقيعه الرسمي والرسمي فقط.‏
ــ ب ــ المتلقي في طور الإنتاج:‏
على الرغم من أن منتج النص الأدبي لا يكف عن كونه متلقياً للنصوص الأخرى وبالتالي لا يكف عن ممارسة دوره كمتلق في التأثير في عملية إنتاج نصوصه على هذا النحو أو ذاك، فإنه عندما يدخل في إنتاج نص أدبي يركز دوره هذا على هذا النص الذي يغدو بؤرة تستقطب التأثيرات المختلفة لعدد من المتلقين بمن فيهم المنتج نفسه.‏
فالمنتج بداية أول من يتلقى نصه بكامله أو مجزءاً، وبناء على تلقيه هذا نراه يقوم بجملة من الأمور التي لم تعد اليوم سراً يخفى على أي دارس لعملية الإنتاج الأدبي، وأكثر من هذا فإن منتجي النصوص الأدبية غالباً ما يقرون بقيامهم بها، بل ويصرحون بذلك، وربما يسجلونه في دفاتر ملاحظاتهم وييسرون بذلك فرصة دراستها على متتبع عملية الإنتاج الأدبي عن كثب.‏
إن الحذف والإضافة اللذين يقوم بهما المنتج في أثناء إنتاجه لنصه، والتصحيح، والتنقيح، بل وربما إعادة الكتابة الجذرية للنص المنتج(12)، وغير ذلك مما يمارسه منتج النص على نحو دائم وطبيعي إنما تنجم جميعاً عن عملية اختبار في التلقي يجريها المنتج نفسه عندما يضع نَفسَهُ موضع المتلقي ويسعى إلى النظر إلى النص بعينه ويُجرى ما يجرى عليه من تغيرات لاحقة نتيجة ما يوحي له هذا المتلقي به من نصائح وتوصيات.‏
وفضلاً عن تأثير هذا المتلقي الكامن في نفس كل منتج ثمة المتلقون الآخرون من أهل وأصدقاء ممن هم موضع ثقة المنتج والذين يكاشفونه بما يرون أنه ضروري للارتقاء بنصه على النحو الذي يرضي طموحه وطموحهم فيه. ولا ينسى المرء في هذا الموضع ما يمكن أن يؤديه المحرر الخاص بالمنتج أو الEDITOR من دور بوصفه متلقياً معنياً عناية خاصة بالنص المنتَج ونجاح استقباله وحسن تلقيه من قبل شريحة واسعة من جمهور المتلقين، وهو حريص على ذلك كله أشد الحرص ما دام نجاح هذا التلقي واتساع دائرته يشكل ضماناً جيداً لاستمراره في عمله كمحرر.‏
وهناك بعد هذه الدائرة الخاصة بالمؤلف وأهله وأصدقائه ومحرِّره من المتلقين دائرة أوسع تشمل الناشر الذي ينوي نشر النص المنتَج والمتلقين المرتبطين به بعلاقات استشارية مهنية أصبحت اليوم جزءاً أساسياً من مؤسسة النشر المعاصرة. وربما كان من أبرز ما يميز تأثير متلقي هذه الدائرة أنه تأثير لا يملك المنتج دفعه بسهولة. ذلك أن عليه أن يأخذه مأخذ الجد، ويتلقاه نعم التلقي، ويعالجه بمرونة كبيرة وتفهم أكبر، لما لذلك من نتائج على عملية نشر النص المنتج، الذي لا يسعه إلا أن يرضي الناشر ومستشاريه على نحو ما، حتى يستطيع الخروج إلى الدائرة الأوسع من المتلقين وهم جمهرة القراء المموِّلين الأساسيين لعملية الإنتاج الأدبي.‏
وفضلاً عن الناشر ومستشاريه من المتلقين ثمة متلق مهم آخر هو الرقيب السياسي الذي غالباً ما يمارس تأثيره المسبق في أثناء عملية الإنتاج حذراً مُحايثاً لفعل الكتابة نفسه، ويمارسه فيما بعد عندما يُدفع النص المنتج إليه ليجيز نشره أو يحذف منه، أو يوصي بتعديل ما، أو غير ذلك.‏
وهناك بالطبع دائرة متلقي وسائل النشر الأخرى(كالدورية، والإذاعة، والتلفزيون، وغيرها) الذين يمارسون تأثيراً مهماً جداً في عملية إنتاج النص لأنه تأثير يواكب هذه العملية خطوة خطوة وعلى نحو مستتر وربما غير واع. ذلك أن سعي المنتج لإرضاء القائمين على هذه المؤسسات بوصفهم متلقين قادرين على إجازة نشر نصه يؤثر تأثيراً واسعاً في نصه المنتج وعلى نحو لا يمكن أن ينكره إلا مكابر، حتى ولو كان منتج النص من المتمردين أو المنشقين.‏
وإلى جانب هؤلاء المتلقين يمكن للمرء أن يذكر المحكِّمين في لجان الجوائز التي قد يفكر منتج النص بترشيح نصه لها وما شابهها من لجان تقويمية وما يمارسونه من تأثير مسبق في عملية الإنتاج الأدبي.‏
كما يمكنه أن يشير إلى متلقي النصوص السابقة للمنتج من النقاد ومراجعي الكتب والمنتدين والباحثين والدارسين وما أفصحوا عنه من آراء إيجابية أو سلبية وملاحظات ونصائح وتوجيهات ومآخذ وغير ذلك مما ضمنوه نقدهم المنطوق أو المكتوب الذي تناهى إلى المنتج، والذي لا يمكنه إلا أن يأخذه بالحسبان في أثناء عملية الإنتاج.‏
ولا شك أن النقاد الذين يظفرون بثقة المنتج واحترامه يمثلون أبرز المتلقين الذين يستحضرهم في أثناء ممارسته لعملية الإنتاج. ذلك أنه غالباً ما يأخذ آراءهم في نصوصه السابقة مأخذ الجد وخاصة عندما يلمس فيها حرصاً على تطوير إنتاجه والرقي به على نحو يرضي طموحهم فيه.‏
ــ ب ــ المتلقي في طور ما بعد الإنتاج:‏
إذا كان المتلقي في الطورين السابقين من أطوار عملية الإنتاج الأدبي يمارس تأثيره في الخفاء أو من وراء حجاب، ولذلك فإننا لا نكاد بالتالي نستبين هذا التأثير على نحو واضح وصريح ما لم نعد إلى مسودات منتج النص الأدبي ودفاتر ملاحظاته وأوراقه الخاصة وغيرها، فإن تأثيره في طور ما بعد الإنتاج ملموس وبيّن إلى درجة لا يمارى فيها.‏
وهذا المتلقي الفعلي (الذي يمكن أن يكون ناقداً بارزاً، أو مراجعاً للكتب أو صحفياً يتلّقط الجديد في عالم النشر ، أو كاتباً زميلاً يفصح عن رأيه مشافهة أو كتابة ، أو ناشراً منافساًيبحث عن كتاب ناجح، أو محكّماً في لجنة للجوائز أو سواها، أو منتجاً أو مخرجاً تلفزيونياً أو سينمائياً، أو مخرجاً مسرحياً، أو معداً للبرامج الثقافية في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، أو منشطاً ثقافياً في مركزثقافي أو اجتماعي ، أو دارساً أكاديمياً ، أو مجرد قارئ يبحث عن المتعة والفائدة )هو في حقيقة الأمر من يملك مقدّرات المنتِج بيده ويتحكم بمصيره. ذلك أن إعادة نثر النص، أو توقيع عقد جديد على إنتاج نص أو نصوص لاحقة ، أو التفكير في إنتاج نص جديد، أو حفز التفكير على تحويل النص المتلقى من مجال إلى آخر، أو إعداده للمسرح أو سواه، أو غير ذلك من النتائج الملموسة منوط بهذا المتلقي. فضلاً عما يمكن أن يتركه تلقيه هذا من تأثيرات نفسية مختلفة في منتج النص الأدبي، وما يخلفه في لاحق نتاجه ، وفي حياته وشروطها المادية والمعنوية بشكل عام. وربما كان من المهم الإشارة في هذا الموضع إلى التأثير المتبادل الذي يمارسه أفراد هذا النمط من المتلقي الفعلي فيما بينهم، وتأثيرهم العام في التلقي الإجمالي للنص الأدبي المنتج.‏
وغني عن البيان أن هذا التلقي الإجمالي ليس بالضرورة مقياساً موضوعياً للمكانة الفنية التي يمكن أن نعزوها للنص الأدبي. لأن التلقي الفعلي للنص الأدبي هو في أساسه تلق مفتوح غير محدود بزمان أو مكان أو لغة أو ثقافة،ولأنه كذلك مرتبط وعلى نحو وثيق بجملة من العوامل الأدبية وفوق الأدبية التي يؤثر كل منها بمفرده أو متضافراً مع العوامل الأخرى في هذا التلقي الذي يتبدى في الإقبال على (أو الإحجام عن) شراء الدورية التي تحتضن النص المنتج، أو الكتاب الذي يضمه، أو في الكتابة عنه(أو تجاهله) أو في ملاحقة صاحبه بطلبات المقابلات والحوار والقراءة العامة (أو إهماله) أو تقديم العروض المغرية لإعداده للإذاعة والتلفزيون أو السينما أو المسرح،(أو رفض العروض التي يقدمها صاحبها للقائمين على هذه المؤسسات)يعني الكثير للمنتج وللأدب وللفن وللثقافة عامة.‏
ولننظر على أي حال في تأثير المتلقي في هذا الطور على نحو سريع جداً، ولعل إشارة عجلى إلى ما يعنيه حسن تلقي النص الأدبي في حياة منتجه كافية للتدليل على خطورة دور المتلقي في تقرير مصيره. إن هذا المتلقي هو الذي بدّل جذرياً مقدرات كاتب مغمور يدفعه ضيق ذات يده إلى أن يمضي مكرهاً عطلة عيد ميلاد عام 1954 في لندن بعيداً عن أسرته التي يئست من مستقبله، وصديقته التي سافرت لقضاء الإجازة مع أهلها، وحوّله بعد أقل من عامين إلى نجم (بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمة من دلالات) تتهافت عليه وسائل الإعلام الجماهيري والناشرون والمجتمع بمختلف مؤسساته طمعاً في المشاركة في لحظات تألقه التناريخية ، أو بالأحرى ولادته بوصفه كاتباً ذا شأن يحمل اسم كولن ويلسون بعد نشره لكتاب"الخارجي"THE OUTSIDER عام 1956(13)‏
وهو المتلقي نفسه الذي جعل روائياً وشاعراً ومترجماً انكليزياً مغموراً آخر هود.م. توماسD.M.THOMAS يتحول في مطلع الثمانينات من مجرد مدرس عاطل عن العمل أغلقت حكومة المحافظين مدرسته بغرض التوفير في ميزانية التعليم يعيش على ما تقدمه له دائرة التأمين الإجتماعي إلى كاتب عالمي تتسابق شركات السينما لشراء حق إنتاج روايته الفندق الأبيض(14)THE WHITE HOTEL مثلما تتسابق شبكات التلفزيون والإذاعة البريطانية والأوربية والأمريكية لإجراء مقابلات وأحاديث معه، ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عنه وعن حياته وفنه، أو لتسجيل قراءات بصوته لروايته التي غدا يُعرف بها، ويتسابق القراء على اقتنائها ممهورة بتوقيعه. لقد غدا بإقبال المتلقين على نصه الروائي كاتباً أثيراً لدى النقاد بعد ما كان يشكو من إعراضهم عنه، وبات يزاحم قمماً بارزة من الروائيين البريطانيين المعاصرين بعد أن كان مجرد كاتب محلي لا يعرفه إلا الأصدقاء والجوار وبعض القراء في منطقة عمله وناشره الذي غامربنشر بداياته(15)‏
إن حسن التلقي هو الذي يدفع برؤساء تحرير الدوريات التي ينشر فيها منتج النص الأدبي نتاجه إلى استكتابه من جديد ، ولربما الإلحاح عليه ليخصّ دورية ما بهذا النتاج، باذلين له مكافآت أسخى ورسوماً أعلى ، ومفسحين له حيّزاً أوسع وصفحات أكثر في دورياتهم، وميسرين له حرية أكبر سواء أكان ذلك في مجال التجريب الفني أم في مجال‏
حرية التفكير والتعبير عامة. وهو الذي يفتح أمام منتج النص الأدبي أبواباً أخرى للشهرة والرزق وبالتالي للمزيد من الإستقلال المادي والفكري والفني من مثل الدعوة للمحاضرات العامة، أو الأمسيات الأدبية ؛ والمقابلات المأجورة التي يُثاب عليها شهرة ورواجاً ينعكسان على مبيعات نتاجه؛ والاستشارات الفنية وسواها من مؤسسات النشر ، أو الدوريات ، أو المؤسسات التعليمية أو التربوية أو الثقافية أو الإعلامية؛ والمشاركات المختلفة في الندوات ولجان التحكيم وغير ذلك مما ينعكس على حياته عامة وعلى عملية إنتاجه للنصوص اللاحقة.‏
إن حسن التلقي هو الذي يُغري الناشر بإصدار طبعة جديدة من الكتاب أو ربما إصدار طبعة شعبية رخيصة واسعة الإنتشار، وهو الذي يغري محرريّ سلاسل الكتب الدورية بإدراجه فيها .وهو الذي يخلق الحافز لدى المنتج على التفكير في كتابة نصوص جديدة، وهو الذي يدفع الناشر إلى تحسين معاملته مع المنتج وربما تحسين شروط النشر وزيادة فرصه ، وهو الذي يغري مخرجاً أو منتجاً بالتفكير في تحويل النص المنتج إلى مسلسل إذاعي أو تلفزيوني ، أو إلىفيلم سينمائي أو غير ذلك مما يعني في نهاية المطاف تحولاً خطيراً في مصير منتج النص الأدبي وفيما سينتجه في قادم أيامه؛ ولاشك أنه سيترك آثاره واضحة في تطوير عملية إنتاج النص الأدبي بما يتيحه من تفرغ لهذا الإنتاج ، ومن اطمئنان للقناعات الفنية التي تكون لدى المنتج، وإلى ترسيخ لكل معيار فني جديد قد يبدو في أول الأمر مجرد هرطقة أو بدعة أو خرق للمعايير الفنية السائدة، وبما يبعثه في نفس المنتج من ثقة بأنه يمضي في الطريق الصحيح ، وأن رؤاه الفنية وفوق الفنية آيلة إلى التحقيق في سعيه الحثيث نحو الأفضل في الحياة الإنسانية بكل وجوهها.‏
إن حسن التلقي هذا هو الذي يدفع أخيراً وليس آخراً، المؤسسات التربوية والثقافية والإعلامية، والأدبية، القائمة على إعادة النظر في كثير من مسلماتها وقيمها ومقاييسها، وأعرافها، وقواعدها، لتفسح المجال أمام النص الأدبي المنتَج ليتسلم المكانة اللائقة به ضمن الكل الأدبي السائد والقائم في المجتمع الإنساني.إنه كلمة السر التي يتطلع إليها كل منتج‏
لتدخله في عالم الأضواء وفيما بعد في عالم الاستقرار النفسي والمادي الذي يكفل له فرصة تحقيق ذاته ومقاومة الشرط الإنساني القاسي والتحايل على الموت بعمر ثان وثالث ورابع لا‏
يمنحه أياً منها إلا المتلقي، والمتلقي وحده فيما يبدو. لأنه هو القادر على أن يصل بعملية الإنتاج الأدبي إلى مداها الطبيعي عندما يتيسر على يديه تحويل التجربة الفنية التي يجسدها النص الأدبي إلى تجربة جمالية غنية قادرة على أن تمنح المتعة والفائدة وهما آيتا النفس الخالد لدى هوراس، وشروط استبقاء ربة الفن في جمهورية أفلاطون من قبله.‏
هوامش:
(1) د. عبد النبي اصطيف،"مكونات النص الأدبي العربي الحديث:في مفهوم النص"، الناقد (لندن)، العدد الرابع والعشرون، حزيران(يونيه)، 1990، ص(32)‏
(2) د. عبد النبي اصطيف،"في البحث عن دور للقارئ"، الأسبوع الأدبي (دمشق)، العدد39، الخميس 6تشرين الثاني 1986، ص(3)‏
(3) يبدأ طور ما قبل الإنتاج شكلياً من لحظة التفكير بالنص الأدبي إلى لحظة الشروع في إنتاجه . ولكن بدءه الحقيقي من الناحية الزمنية يسبق ذلك كما سيتضح من مناقشة هذا الطور، وربما كان بالإمكان رده إلى بدايات عملية اكتساب اللغة عند الفرد الذي يحمل في ذاته إمكانية إنتاج نص أدبي ما فيما سيستقبل من أيامه.‏
(4) يبدأ طور الإنتاج من لحظة الشروع في إنتاج النص الأدبي(بدءاً من وضع الملاحظات الأولى والمخططات) حتى لحظة نشره وإذاعته بين الناس بوسيلة ما من وسائل النشر المتاحة.‏
(5) يبدأ طور ما بعد الإنتاج من لحظة نشر النص الأدبي، وهو طور مفتوح يرتبط بحياة متلقية في عصره وفي العصور التالية. وربما كان من المهم الإشارة هنا إلى أن توقف التلقي لزمن ماــ مهما طال أو قصر ــ لا يعني بالضرورة نهاية لهذا التلقي، لأنه يمكن أن ينبعث في أي وقت في المستقبل القريب أو البعيد ويظل بالتالي إمكانية مفتوحة.‏
(6) التي ترمي إليها "حركة تحرر القراء"THE READERS LIBERATION MOVEMENT على حد تعبير تيري إيغيلتون TERRY EAGLETON ، وانظر فصله المعنون بـ "ثورة القارئ " THE REVOLT OF THE READER " في كتابه‏
AGAINST THE GRAIN ( VERSO LONDON, 1986, PP 181-4
(7) أنظر "WOLFGANG ISER,” INTERACTION BETWEEN TEXT AND READER”, IN THE READER IN THE TEXT;ESSAYS ON AUDIENCE AND INTERPRETATION, EDITED BY S.R .SULEIMAN AND I. CROSMAN(PRINCETON UNIVERSITY PRESS, PRINCETON,1980),P.106.
(8)للمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة أنظر: د. عبد النبي اصطيف، "التناص: مدخل توضيحي"، الأسبوع الأدبي (دمشق)، الملحق (61)، الخميس 18 تشرين الثاني 1993م، 4 جمادى جمادى الآخرة 1414ه،ص(1)‏
(9) أنظر ROLAND BARTHES,THE RUSTLE OF LANGUAGE, TRANSLATED BY RICHARD HOWARD( BLACKWELL, OXFORD, 1986),PP.52-3
(10) صدرت الرواية بالعبرية عام 1986، وبعدها ترجمت إلى الإنكليزية والفرنسية. وقد تلقاها القارئ العربي ملخصة ضمن دراستين للدكتور حسام الخطيب والدكتورة يمنى العيد اعتمدتا على التوالي على الترجمتين الإنكليزية والفرنسية. وانظر على أي حال : د.حسام الخطيب ،" اللغة والبحث عن الهوية الضائعة: عربسك أنطوان شماس والذات الفلسطينية" السفير (بيروت)، الخميس 29/12/1988،ص(10)‏
د. يمنى العيد، "مثال تحليلي لرواية أرابيسك" في كتابها : تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي (دار الفارابي، بيروت،1990) ص(125ــ160)‏
(11) أنظر V.N.VOLOSINOV( M. BAKHTIN), MARXISM AND THE PHILOSOPHY OF LANGUAGE, TRANSLATED BY LADISLAV MATEJKA AND I.R. TITUNIK (SEMINAR PRESS, NEW YORK AND LONDON , 1973),P.86
(12) د. عبد النبي اصطيف "بين الأدب والنقد" علامات في النقد الأدبي (جدة) ، المجلد الأول، الجزء الثالث، شعبان 1412هـ، مارس 1992م، ص(171ــ177).‏
(13) أنظر حديث كولن ويلسون عن لحظات نجاح كتابه في مقدمته لطبعة عام 1978، COLIN WILSON, “INTRODUCTION: THE OUTSIDER, TWENTY YEARS ON” IN THE OUTSIDER( PICADOR, LONDON, 1978) PP .9ــ19‏
(14) أنظر D.M THOMAS, THE WHITE HOTEL ( PENGUIN BOOKS, MIDDLESEX, 1981).
(15) د. عبد النبي اصطيف ، "في البحث عن دور للقارئ " ، المرجع نفسه، ص(3) .‏
انت في أحدث موضوع
انت في أقدم موضوع

2 التعليقات

Roulette Casino Site - LuckyClub Live
Roulette Online. Roulette luckyclub is one of the fastest and most secure online roulette betting websites. We have a strong team and our main goal is to provide you with a

Hard Rock Hotel Casino & Spa - Mapyro
Get 경상북도 출장안마 directions, reviews and information for Hard Rock Hotel Casino & Spa in Glens Falls, SD. 목포 출장안마 Hard Rock Hotel & Casino 보령 출장안마 and Spa. 777 울산광역 출장샵 Highland Drive, Rock Island, SD, 91829. 포항 출장마사지


الإبتساماتإخفاء